اعلمي أيتها المرأة المسلمة أن الخلق الحسن هو قوام حياتك ، وعليه مدار
سعادتك فإن رزقته فقد رزقت كل خير ، وإن حرمته فإنك حرمت من كل خير ،
والرسول صلّ الله عليه وسلم يقول لمن جاء يسأل عن البر "البر حسن الخلق"
(رواه مسلم)، وقال صلى الله عليه وسلم كما سئل عن أكثر ما يدخل الجنة
فقال:" تقوى الله تعالى، وحسن الخلق" (رواه الترمذي)، وقال صلى الله عليه
وسلم في بيان شرف حسن الخلق:" إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم
القيامة أحاسنكم أخلاقا" (رواه البخاري والترمذي وأحمد)،
والأخلاق الفاضلة تكتسب بالرياضة ، والمواظبة والتعود ، وإليك جملة صالحة
منها ، فرِّوضي نفسك عليها ، وتعَّودي التخلق بها ، وواظبي عليها تفوزين إن
شاء الله تعالى بحسن الخلق ، وحسبك خيراً وشرفاً حسن الخلق .
1- الصبر وهو أن تحبسي نفسك على الطاعات ، وفعل الخيرات بلا ضجر ولا ملل ،
كما تحبسينها بعيدة عن المعاصي وعن كل خلق سيء كالكذب والخيانة والغش
والخسة ، والكبر ، والعجب، والبخل والشح والجوع ، بإظهار عدم الرضا بحكم
الله ، ومجاري أقداره في عباده .
2- الصفح والإعراض عن كل ما تسمعين من كلمة نابية ، أو حركة عنيفة فلا تردي
على السيئة بالسيئة ، ولكن بالحسنة وهي الكلمة الطيبة ، قابلي الجفاء
والغلظة من أفراد عائلتك بالعطف ، والرحمة ، واللين ، وإن علت أصواتهم
اخفضي صوتك ، وإن قبحت كلماتهم جملي لفظك ،رطبي كلماتك ، بهذا تملكين
قلوبهم ، وتظفرين بودهم " ، وقربهم ، وحسن معاملتهم ، قال تعالى:)خُذِ
الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ
((الأعراف:199) وقال تعالى:)وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا
السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ
وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
([فصلت : 34 ، 35] .
وقال لرسوله صلى الله عليه وسلم ) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ( [الزخرف : 89] .
3- الحياء والاحتشام فألزمي نفسك بهذا الخلق فإنه أخو الإيمان ، وجماع البر
والإحسان ، فاستحي من الله تعالى حق الحياء ، فلا يراك على ما يكره ،
واستحي من الملائكة فلا تتكشفي في خلوتك ما استطعتو استحي من زوجك وأهلك
ومن سائر الناس ، فلا تقولي البذاء ، ولا تنطقي بالفحش ، ولا تعملي عملا ،
أو تقولي قولا يجانب الحشمة والحياء .
إن الحياء كله خير ، ولايأتي إلا بالخير فاستري محاسنك ، ولا تتبذلي أمام
أقاربك . حسني كلماتك ، وغضي بصرك ،وأطيلي ثيابك ، ولا تكشفي رأسك ، فلا
يفارقك خمارك ، ولا عجارك إلا إذا خلوت بزوجك فيعقر دارك .
4- كوني سخية فلا تبخلي بفضل طعام ، أو شراب ، أو كساء ، أو دواء ، ابذلي
المعروف ، وتصدقي من مال زوجك بعد استئذانه وإذنه فتشاطرينه الأجر والمثوبة
، وتسلمي من العقوبة إن الله تعالى يقول: )فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى
وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى( [الليل :
5- 7]
فاحذري الشح ، واتقيه بالصدقة القليلة ، الكثيرة . أحسني إلى جارتك كما تحسنين إلى أقاربك ، واعلمي أن الله تعالى مع المحسنين .
5- عليك بالإيثار فآثري أهل بيتك على نفسك ، فإن الإيثار من أخلاق الصالحين
، وصفات الصديقين قال تعالى:) وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ
كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ ([الحشر : 9] .
جوعي ليشبع أهل بيتك ، واظمئي ليرووا ، واتعبي ليستريحوا ، ولا تحسبي هذا نقصا فيك بل هو الكمال ، والجمال ، والجلال .
إنك بإيثارك الخير تصبحين سيدة ، والسيدة خير من المسودة ، وفي الحديث
الشريف " خادم القوم سيدهم " (رواه البخاري) وقيل لأحدهم: " بم ساد فيكم
فلان؟ قال: احتجنا إليه، واستغنى عنا". فاعرفي هذا الخلق ، واكسبيه
بالرياضة للنفس ، والمجاهدة لها .
6- الصمت ، وحسن الاستماع، الزمي هذا الخلق فقللي من الكلام ، ولا تتكلمي
إلا بخير لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " من كان يؤمن بالله واليوم
الآخر فليقل خيرا أو ليصمت " (رواه البخاري ومسلم)، وإذا تكلمت فأوجزي في
الكلام ، وقولي المعروف فقط ، قال تعالى في تأديب نساء النبي صلى الله عليه
وسلم:)... فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ
مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا
تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ...([الأحزاب : 32 ، 33]
وألزمي حسن السمت في لباسك ، ومشيك وقعودك ، وفي عملك ، وقولك ، فتأني
واحلمي ، ولا تغضبي ولا تضجري ، ولا تفرحي فرح الأشر والبطر ، ولكن احمدي
الله تعالى ، وأثني عليه بنعمه، وأكثري من شكره وحمده .
7- أنصفي من نفسك فإن الإنصاف من حسن الإسلام تصنعي لزوجك كما تحبين أن
يتصنع لك، واكرهي لغيرك ما تكرهينه لنفسك ، وأحبي لأهلك ،وأقاربك ، وسائر
المؤمنين ما تحبين لنفسك، وفي الحديث الصحيح. " لا يؤمن أحدكم حتى يحب
لأخيه ما يحب نفسه " (رواه البخاري ومسلم) .
إن من الإنصاف المأمور به أن تعاملي غيرك بما تحبين أن يعاملوك به، فلا تري
لنفسك الأثرة على غيرك ، وكما تريدين أن يقال لك من جميل اللفظ وكريم
القول فقولي أنت لغيرك ذلك ، وكما تكرهين أن تؤذي فيعرضك ، أو بدنك ، أو
مالك فاكرهي ذلك لغيرك . وبذلك تظفرين بخلق
الإنصاف من النفس ، وهو من حسن الخلق ، وكريم الشيم ، وطيب النفس .
تلك أيتها المؤمنة جملة من الأخلاق الفاضلة فتحلي بها، وتجملي باكتسابها
وعيشي عليها، تكملي وتسعدي، والله معك ولا يتركك فإن الله مع الذين اتقوا
والذين هم محسنون .
" والقول الجامع في آداب المرأة ، أن تكون قاعدة في قعر بيتها ، لازمة
لمنزلها ، لا يكثر صعودها وإطلاعها ، قليلة الكلام لجيرانها ، لا تدخل
عليهم ، إلا في حال يوجب الدخول ، تحفظ بعلها في غيبته ، وتطلب مسرته في
جميع أمورها ، ولا تخونه في نفسها وماله ، ولا تخرج من بيتها إلا بإذنه،
فإن خرجت بإذنه فمختفية في هيئة رثة ، تطلب المواضع الخالية دون الشوارع
والأسواق ، محترزة من أن يسمع صوتها ، أو يعرفها بشخصها ، لا تتعرف إلى
صديق بعلها في حاجاتها ، بل تتنكر على من تظن أنه يعرفها أو تعرفه ، همها
صلاح شأنها ، وتدبير بيتها ، مقبلة على صلاتها وصيامها، وإذا استأذن صديق
لبعلها على الباب ، وليس البعل حاضرا ، لم تستفهم ، ولم تعاوده في الكلام ،
غيرة على نفسها وبعلها ، وتكون قانعة من زوجها بما رزق الله ، وتقدم حقه
على حق نفسها وحق سائر أقاربها ، متنظفة في نفسها ، مستعدة في الأحوال كلها
للتمتع بها إن شاء ، مشفقة على أولادها ، حافظة للستر عليهم ، وقصيرة
اللسان عن سب الأولاد ومراجعة الزوج