إذا كنت إسلاميا فقضية فلسطين هي قضية عقائدية لديك، وواجبك تجاهها هو جزء مما تتعبد به إلى الله وتتقرب إليه.
إذا كنت ليبراليا فقضية فلسطين هي قيمة أساسية تدافع عنها لأن حرية الإنسان وتحرير إرادته قيمة كبرى لديك تسعى لتحقيقها.
إذا كنت يساريا فموقفك من فلسطين سيحدد مدى اتساقك مع ما تؤمن به من قيمة النضال الأممي ونصرة الضعفاء ومحاربة الصهيونية العالمية التي تعمل ضد الإنسانية.
قد نختلف ويستغرقنا صراعنا السياسي، ولكن حين يمس (فلسطين) الأذى ننتفض جميعا ونتراص صفا واحدا بتأثير ندائها لنتضامن معها وننصرها مهما اختلفت اتجاهاتنا.
من المؤكد أنك قد اعتليت سور جامعتك في يوم من الأيام وحرقت علمي إسرائيل وأمريكا، وهتفت : بالروح بالدم نفديك يا شهيد، من المؤكد أن قلبك يرتجف حين تتذكر مشهد أشلاء الشيخ الشهيد أحمد ياسين وتلاميذه الذين تمزقت أجسادهم إربا إربا وما ضعفوا وما استكانوا، بل سطروا أعظم ملاحم الثبات والنضال.
شعب بلا وطن، هكذا شهد القرن الماضي تلك الجريمة الكبرى التي نسجتها القوى الاستعمارية التي غرست "إسرائيل" في جسد العرب على حساب شعب بريء.
تخيل أن مصر قد قام عدو باحتلالها ثم قام بترحيل المصريين منها ليصبح الشتات وطنهم، ثم يأتي من يقول لهم بعد ذلك: لا عودة ، فهل يرضون ذلك؟
لا تُردِّد مع من غسلت أدمغتهم، ولا تقل مثلهم: إن الفلسطينين قد باعوا أرضهم. هذا غير حقيقي وتحتاج أن ترجع للتاريخ لتعرف أن الاحتلال الإنجليزي والهوان العثماني قد كان لهما اليد الأولى في ذلك، ومن تركوا قراهم وبيوتهم بعد ذلك تركوها بسبب المذابح الدامية التي تمت على أيدي العصابات الصهيونية.
لا تقل: وما الذي يجعلنا نهتم بغزة وفلسطين،؟ ولماذا نشغل أنفسنا بهمومهم؟ الشيء الذي يجب أن تعلمه أن هذه الأرض هي العمق الاستراتيجي لبلدك، وإذا سقطت غزة ومقاومتها فإن الجيش الصهيوني قد يدق أبواب السويس والقاهرة خلال ساعات معدودة، إذا قرر تحقيق حلمه في دولة من النيل إلى الفرات، فهؤلاء المقاومون في غزة لا يدافعون عن أنفسهم وأرضهم فحسب بل يدافعون عنك أيضا وعن وطنك.
قد لا تكون من محبي الإخوان ولكن هذا ليس مبررا لك للهجوم وتخوين أبطال المقاومة في حماس الذين غيروا معادلة القوى مع إسرائيل وجعلوا من غزة مقبرة تنتهي عندها آمال الصهاينة في التقدم، ولن ينسى التاريخ رصاصهم المصبوب الذي أخفق في تركيع المقاومة.
يخوفك البعض ويقولون: إن الفلسطينيين يريدون الاستيطان في سيناء، فهذه أوهام مهترئة نربأ بك أن تصدقها، فلا يوجد فلسطيني واحد في غزة يرغب في ترك أرضه، وتمسك أهل غزة بمنازلهم رغم الدمار التام الذي طالهم في الحرب الأخيرة يؤكد لك أن هذا الشعب راسخ في مكانه مثل أشجاره التي تمتد جذورها في أعماق الأرض الطيبة.
" ديروا بالكم على مصر، إذا قامت مصر نهض كل العرب، وإذا سقطت مصر سقط كل العرب" قال لي هذه العبارة أحد المقاومين هناك قبل 3 سنوات مضت حين سألته: هل تريدون منا أن نجاهد معكم؟
هكذا يريدون منا أن ننهض بمصر لتستعيد ريادتها وقوتها وتصبح طرفا فاعلا في موازين القوى العالمية، وهذه قمة النصرة كما يراها أهل فلسطين.
ماذا تعني فلسطين لك؟ سؤال يجب أن تعيد طرحه على نفسك لتكتشف آفاقا جديدة لما تمثله لك فلسطين.
[justify]