محاضرة02 فنيات التحرير الصحفي

المحاضرة02- : مفهوم الخبر الصحفي
هو المادة الخبرية الخام لكل الأنواع الصحفية الأخرى وهو يختلف في بنيته عن بنية الأنواع الأخرى
تعاريف الخبر الصحفي من خلال المعجم الوسيط : الخبر كما ورد في المعجم الوسيط " ما ينقل ويحدث به قولا أو كتابة ، والخبر جمعه أخبار وهو ما أتاك من نبأ عمن تستخبر ، ومفهوم الخبر على هذا النحو يعني أنه الأمر ، أي شيء ما يحدث ويتناقله الناس عن طريق أحاديثهم أو عن طريق الكتابة أو هو المعلومات عن أحوال جرت ويهمنا معرفتها فنستخبر عناها فيصبح الخبر هو ما أتاك من نبأ عمن تستخبر" .
يقول في هذا الإطار محمد حسنين هيكل : " إن الجوهر الحقيقي في الجريدة هو الخبر وهو ما جرى ".
1- مفهوم الخبر الصحفي ضمن المذهب السلطوي للإعلام : ظهر المذهب السلطوي للإعلام مع تهاية القرن 15 بعد ظهور المطبعة سنة 1436 في ألمانيا .
- يعرف الخبر الصحفي حسب هذا المذهب على أساس أنه : كل ما يقرر الحاكم أن يكتب أو ينشر " نستنتج من هذا التعريف أن الخبر أقرب إلى الدعاية الحاكمة منه إلى الوقائع .
- الخبرحسب هذا المذهب هو " خبر المواقع وليس الوقائع " .
- الخبر الصحفي خاضع لاعتبار كل ما يخدم أغراض الحاكم وليس الهدف منه تنوير القراء وتكوين الرأي الصائب .
- هو المعلومات عن أحداث تقرر الحكومة نشرها وعادة ما ترتكز هذه الأحداث على شخصيات من مواقعها المختلفة في هرم السلطة لأنها ترى في النشر وسيلة لاستمرار سلطتها وتدعيم نفوذها وتأييد قراراتها والدعاية لها ودليلا على صحة وسلامة ممارساتها .
2- مفهوم الخبر حسب المذهب الليبرالي للإعلام :
الخصائص الأساسية للإعلام في ظل هذا المذهب وجاءت على النحو التالي :
- تعمل وسائل الإعلام في إطار من الحرية يساعد الناس في بحثهم عن الحقائق والمعلومات والأفكار
- إتاحة الفرصة الكاملة لكافة الآراء ةالأفكار أن تعبر عن نفسها مهما كانت درجة الخطأ والصواب فيها لأن الإنسان قادر بما وهب من عقل أن يميز بين الصواب والخطأ وبين الغض والسمين وبين الصدق والكذب .
- لا تكون الحكومة أو السلطة مصدرا للحقيقة أو الرأي بأي حال من الأحوال لأن الحقيقة لا ينبغي أ تستمد من السلطة و إنما تستمد من عقل الإنسان .
- لا يكون للحكومة أدنى سلطة على وسائل الإعلام بالرقابة أو منح الترخيص الذي يقرر حق الإصدار بل إن المحاكم هي التي تفصل في الحالات التي يقع فيها ضرر على الأفراد بسبب النشر وحق ملكية وسائل الإعلام للجميع دون قيد أو شرط .
- لا يحق للحكومة أن تمتلك الصحف أو تصدر صحفا أو تساهم في ملكية الصحف .
- لكي يتحقق الاستقلال الاقتصادي للصحف فإن من واجبها ومن صميم وظائفها أن تحقق الأرباح التي تمكنها من الاستقلال الاقتصادي وبالتالي الاستقلال الفكري .
من هذا المنطلق انقسمت الأخبار إلى مفهومين حسب مدرستين مختلفتين ينتمان دائما إلى التيار الليبرالي للإعلام .
2-1- المرسة المهنية أو الاحترافية : تنطلق هذه المدرسة من فكرة أن الخبر هو المادة الرئيسية للصحيفة ، ووظيفة الصحيفة تقديم الأخبار أي المعلومات عن كل ما يجري ، من هذا المنطلق يعد الخبر الحجر الأساس في بناء الصحيفة وهو المادة الخام التي يقوم عليها المقال ، التعليق ، التحقيق ، ....... .
هناك عشرات التعاريف التي تترجم هذه النظرية وهذا الفهم للخبر الصحفي :
- الخبر هو الشيء الذي لم نعلم به أمس .( الجدة والآنية )
- الخبر هو تلك الأشياء الدقيقة والجليلة والتافهة والخطيرة التي تملأ بها الصحف .
- الخبر هو ما عرف أنه سيحدث وما ينتظر أن يحدث خلال اليوم .
- الخبر هو في أية لحظة تقع ملايين الأحداث المميزة في العالم بعضها مواليد ، وبعضها الآخر وفيات أو تصريحات تعلن أو اجتماعات تنعقد أو رحلات تنظم أو جرائم ترتكب .... أحداث بلا حدود جميعها هي الأخبار .
- الخبر هو الأصل في كل شيء وبدون الخبر يتولد الرأي الذي تتضمنه الافتتاحيات والمقالات وبدون الخبر لايمكن أن يولد التحقيق الصحفي ومن غير الخبر لا تلتقط الصورة ، ومن غير هذا كله لا يمكن أن تتم عملية الاخراج الصحفي .
- الأخبار ليست هي الحدث وإنما هي محتوى الحدث كتب من أجل الذين لم يشاهدوه .
هذه نماذج من تعاريف الخبر الصحفي حسب أنصار ها الإتجاه وهي تقوم على العناصر والمقومات الآتية : الآنية – الجدة – الحالية – الموضوعية – المهنية .
2-2- مدرسة الاثارة الصحفية : أنصار هذا الاتجاه يركزون على كل ماهو مثير وغريب وغير عادي ويثير غزيرة الفضول البشري ، وتركز على كل ما هو سلبي في المجتمع وكل ما هو استثنائي .
- الفرق بين المدرستين هو أن المدرسة الأولى تركز على كل ما هو مهم للقارئ بينما المدرسة الثانية تركز على كل ما يثير اهتمام القارئ .
وقد ظهرت هذه المدرسة أول الأمر في الو.م.أ بزعامة "جوزيف بوليتزار" . ( الصحافة الصفراء ) ثم انتقلت
الفرنسية ، وفي مصر تسمى صحافة الفضائح ، وفي الجزائر في عهد Le france soir إلى أوروبا مثل
التعددية .
يرى رواد هذه المدرسة أن الحدث يكون جديرا بالنشر حينما يكون له اهتمام أو مغزى بالنسبة للجمهور الذي يتلقى ذلك الحدث ، ويكون جديرا بالنشر حينما يكون غير عادي ، مثير ، غريب ، كاريكاتوري لأن هذه الأحداث هي التي تحظى باهتمام أو إلتفاف الجمهور فالنسبة لأصحاب هذه المدرسة ، الأخبار هي كل ماهو غير عادي فحينما تهبط الطائرة في موعدها لايشكل هذا خبرا ، ولكن وقع لها حادث أو تأخرت يصبح ذلك خبرا ، حينما تعيش الدول في سلام ووئام لايظهر نشاطها في عناوين الصحف ولكن حينما تتصارع وتشن غارات انتقامية تصبح تلك الأعمال أحداثا إخبارية هامة . إذا عض الكلب إنسانا فهو ليس خبرا أما إذا عض الإنسان كلبا فهذا هو الخبر الذي يجب نشره .
يتضح من كل ذلك أن الخبر لدى رواد هذه المدرسة هو كل حدث سلبي لابد من معرفته ، فالصحافة حسب هذا الاتجاه هي صحافة الاستثناء .
إذا حاولنا استخلاص مواصفات الخبر الصحفي عند هؤلاء وعناصر الإثارة في الخبر نجدها على النحو التالي : * الغرابة : أي الشذوذ والخروج عن كل ما هو عادي ومؤلوف ونجد لذلك أمثلة في التعريفات الآتية : - الخبر هو كل ما يخرج عن محيط الحياة العادية والمألوفة ليصبح موضوع تعليق العام والخاص .
- الخبر هو الشيء الذي يحمل المرء على التعجب .
- الخبر هو ابراز التفاصيل غير المألوفة في الحياة العادية .
- الخبر هو تقرير حالي عن شيء يثير الإنسان .
* استنفار غريزة الفضول البشري : أي فتح شهية القارئ للثرثرة والانشغال والمتابعة لذلك جاء تعريف الخبر على أنه :" أي شيء يجعل الناس تتكلم حول موضوع الحدث ." " هو أي شيء يدفع القراء لطلب المزيد " .
يشترط أصحاب هذه المدرسة أن يتضمن الخبر عناصر محددة هي : الحالية – التفرد ( التميز) – الدراما – الرومانسية – الإثارة – الطرافة – حب الاستطلاع .
* التفرقة بين الاهتمام والأهمية : إن رواد هذه المدرسة يحرصون في تفسيرهم لمفهوم الخبر على أن يباعدوا بين شيئين هما اهتمام القراء بالخبر وفائدة الخبر بالنسبة للقراء ، فليس مهما أن يكون الخبر الصحفي
"مهما "للقارئ بمعنى أن نقدم له فائدة محددة بل المطلوب هو أن نثير اهتمامه ، والفارق بين الأهمية
.Interressant واهتمام Importance والاهتمام يفصح عنه التعبير بالفرنسية فيقال أهمية بمعنى
3- مفهوم الخبر الصحفي ضمن مذهب المسؤولية الاجتماعية:جاءت نظرية المسؤولية الاجتماعية في القرن 20 .
وقد عبرت عن Hetechensوتجسدت مباشرة مع ظهور لجنة حرية الاعلام سنة 1948 تحت رئاسة
المخاوف السائدة في مجال الإعلام وعكست ماعرف بعد ذلك بنظرية المسؤولية الإجتماعية .
إن هذه النظرية تقوم على أساس أن أي حرية لابد أن تقابلها مسؤولية اجتماعية ، وبالتالي الشخص الذي يتمتع بحرية عليه التزامات معينة اتجاه المجتمع الذي ينتمي إليه أولا واتجاه البشرية ككل .
إن هذا الربط بين الحرية والمسؤولية الاجتماعية والتحول النظري لحرية الصحافة من الفرد إلى المجتمع أدى إلى تفسير جديد لوظائف الإعلام في عملية تقديمها للأخبار .
يشترط في الخبر الصحفي ضمن هذه المدرسة :
- الدقة والصدق في تقديم المعلومات حول الأحداث .
- الفصل بين الوقائع والآراء حتى لا يتلون الخبر بالرأي ويصبح خبرا موجها .
- تقديم الحقائق عن الواقعة وعرض الجوانب المختلفة لكل الموضوع .
إن الخبر الصحفي حسب أصحاب هذا الاتجاه ليس مجرد جديد يحدث كما يرى أنصار المدرسة المهنية وكذلك فإن الخبر ليس هو الأحداث الغريبة والمثيرة كما يرى أنصار مدرسة الإثارة الصحفية وإنما الخبر في نظرهم هو " الجديد الذي يهم الناس أي يكون مهما وضروريا لهم وبالتالي ينبغي إعلامهم به " .
أصحاب هذه المدرسة يربطون بين الأهمية والفائدة ، يقول كارل وارين : " إن الخبر الصحفي هو بعض وجوه النشاط الانساني الذي يهم الرأي العام ويفيده ويضيف إلى معلوماته جديدا " وهو أيضا : " الرواية الأمينة وغير المنحازة والكاملة للأحداث ذات الأهمية والنفع للجمهور ".
ثمة تعريف أدق وأشمل :" الخبرهو الأساس الأول للصحافة ومتى كانت أخبار الصحيفة صحيحة زاد احترام الشعب لها واعتماده عليها ". كرم شلبي .
4- مفهوم الخبر الصحفي في المذهب الماركسي: إن وسائل الإعلام في هذه النظرية تعتبر جزءا لا يتجزأ من جهاز الدولة الذي يتبنى المذهب الماركسي ، ولذلك فإن وسائل الإعلام لا يملكها الأفراد ولكن تملكها الدولة ويديرها الحزب .
وظيفة وسائل الاعلام انطلاقا من هذه النظرية هي زيادة الوحدة بين أعضاء المجتمع وتعليم المبادئ الماركسية وتفسير الأحداث في ضوء تلك المبادئ ، كما أن عليها جذب التأييد الشعبي لبرامج الدولة المختلفة مثل زيادة الإنتاج .
إن وسائل الاعلام حسب هذا الاتجاه تستطيع أن تنتقد الجزئيات والأمور الفرعية أو انحرافات الأفراد ولكنها لا تستطيع أن تهاجم مبادئ المجتمع الأساسية .
ما هو مفهوم الخبر حسب هذا التوجه المذهبي العقائدي: أصحاب هذا التوجه ينطلقون من حث الأفراد وتوجيههم للسير في اتجاه المبادئ الماركسية التي رسمها الحزب حسب سياسته الاعلامية ، حيث يصبح المتلقي جزءا لايتجزأ من الفكر السياسي أو الايديولوجي السائد .
إن الخبر حسب هذه المدرسة ليس هو الأحداث أو المجريات كما وقعت وإنما هو تفسير الأحداث والمجريات تفسيرا يوظف في خدمة الفكر الشيوعي أصلا .
- إن أصحاب هذا الاتجاه يحرمون المواطن حقه في الاعلام .
- التضحية بعنصري الصدق والموضوعية مقابل ما يسمى بعنصر التوجيه والتثقيف وحماية المواطن .
5- مفهوم الخبر حسب المذهب الاسلامي للاعلام :
ظهر متأخرا في السبعينات مع عبد اللطيف حمزة في كتابه "الاعلام في صدر الاسلام" ويتميز بمجموعة من الخصائص : 1- الصدق : هو الذي يقابل الموضوعية في النظريات الأخرى ، والصدق له خصائص :
أ- صدق الخبر : ويعني الالتزام بالحقيقة كما هي بغير زيادة ولا نقصان ، فالخبر ينبغي أن يكون مرآة صادقة للواقع .
ب- صدق الصياغة : ينبغي لرجل الاعلام أن لا يتكلم بلغة الايحاءات ولايعمد إلى التهويل ومعناه الكتابة بالهدوء والاتزان ونقصد بالاتزان الالتزام بأمانة الكلمة في الاسلام والابتعاد عن الاشاعات والشائعات خاصة منها السوداء .
ج- صدق المقصد : أي تحقيق المنفعة العامة للمجتمع ككل ، والمقصد يعني هنا ليس اللغو الذي لا ينفع بقدر ما يضر.
د- صدق الحكم : أي تزويد الناس بالمعلومات أو الأخبار التي تعينهم على تكوين رأي صائب والابتعاد عن الأخبار التي فيها شبهات وتعمل على تضليلهم .
الخبر من وجهة نظر هذا المذهب هو: " تزويد الناس بالمعلومات والحقائق التي تفيد المجتمع والتي تعمل على تكوين رأي عام إسلامي يبنى على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير انطلاقا من قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنو اتقوا الله وقولوا قولا سديدا » وقوله تعالى : « وقولوا للناس حسنا » وقوله تعالى :« ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها » له علاقة بالاعلام الصالح في المجتمع « ... ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار » .
من هذا المنطلق يمكن تعريف الخبر بأنه « كلمة طيبة ، قول سديد ، نبأ يقيني » .