منتديات الأمسية الجزائرية
بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزي الزائر /عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجيل الدخول إذا كنت عضو معنا

أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب بلانضمام الي أسرة منتدى الأمسية الجزائرية

سنتشرف بتسجيلكـمنتسكيو.... Keda

شكـــرا

إدارة المنتدىمنتسكيو.... Rose
منتديات الأمسية الجزائرية
بسم الله الرحمن الرحيم

عزيزي الزائر /عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجيل الدخول إذا كنت عضو معنا

أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب بلانضمام الي أسرة منتدى الأمسية الجزائرية

سنتشرف بتسجيلكـمنتسكيو.... Keda

شكـــرا

إدارة المنتدىمنتسكيو.... Rose
منتديات الأمسية الجزائرية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الأمسية الجزائرية

 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 منتسكيو....

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
عماد الدين
المراقب العام
المراقب العام
عماد الدين


الساعة الان :
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 870
تاريخ الميلاد : 02/06/1987
تاريخ التسجيل : 01/07/2012
العمر : 37
الموقع : تلمسان
العمل/الترفيه : طالب جامعي
المزاج : مرح ومتفائل

منتسكيو.... Empty
مُساهمةموضوع: منتسكيو....   منتسكيو.... Emptyالخميس يوليو 05, 2012 5:40 pm

مونتسكيو 1689 – 1755م
قراءة في التكوين والمنهج

" إن مبدأ الملكية يفسد عندما تكون المناصب الأولى علامات للعبودية، وعندما ننزع عن الكبار احترام الشعوب، ونحولهم لمجرد أدوات بخسة للسلطة التعسفية" مونتسكيو.

توطئة:
مع نهاية القرن السابع عشر الميلادي، انتقل مركز الثقل في مجال الفلسفة السياسية على وجه الخصوص، من إنجلترا إلى فرنسا، التي شهدت حركة ثقافية واسعة عبر منابر المعرفة المتمثلة في الجامعات والأكاديميات العلمية، ومن خلال العديد من النوادي والصالونات الثقافية الجامعة فيها أصحاب الفكر التقدمي دون النظر إلى الطبقة الاجتماعية المنتمين إليها، والتي أبرزت عددا من الشخصيات الفكرية من أمثال مونتسكيو، وفولتير، وروسو، وجماعة الإنسكلوبيديا، وغيرهم ممن شددوا على فكرة القانون والحقوق الطبيعية للفرد والمجتمع، واعتمدوا المنهج العقلي المستنير في توضيح مفاهيمهم، وطرح آرائهم الفكرية ؛ ويعود ذلك إلى حالة الضيق التي عاشها المفكرون والفلاسفة إبان عهد الملكية المطلقة التي مارسها ملوك فرنسا في هذه الفترة، والمشخصة في عهد لويس الرابع عشر، الذي كرس بسياسته الحكم المطلق المستبد، المستند على نظرية الحق الإلهي، وهو ما جعلهم منذ منتصف القرن السابع عشر وحتى أوائل القرن الثامن عشر الميلادي، يتناولون الموضوع السياسي، والاجتماعي، بشكل غير مباشر عبر الكتابة عن التاريخ الروماني، أو الأنظمة الفرنسية القديمة، ومن خلال الاهتمام بكتب الرحلات التي تصف أخلاق الشعوب الأسيوية وأنظمتها، والمعرضة بالحكم الاستبدادي في ثناياها(1) ، أو عبر التغزل بأنظمة الحكم الدستوري في إنجلترا، حالمين الوصول إليه من خلال كتاباتهم وانتقاداتهم الجدية مرة، والهزلية مرة أخرى، لأنماط


الحكم الفرنسية. ومع تدهور الحكم المطلق وضعفه خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي، برزت العديد من النظريات السياسية والاجتماعية، والأفكار الدينية، الآخذة في مناقشة مختلف القضايا بشيء من الحرية، والجرأة، فبرزت أفكار مونتسكيو الليبرالية القانونية، وروايات فولتير اللاذعة، ونظريات روسو الداعية إلى تطبيق المنهج الديمقراطي في الحكم القاضي بحكم الشعب بالشعب، وغيرها.
ولا شك، فقد كان لفلسفة الثورة المجيدة الإنجليزية سنة 1688م، وما نتج عنها من تطور سياسي، واجتماعي، ولآراء جون لوك وأفكاره من قبل، الدور الكبير في تشكيل الذهنية السياسية المنعكسة في أعمال المفكرين الفرنسيين(2) ، والذين شاءت لبعضهم الظروف الإقامة في إنجلترا مددا من الزمن مختلفة، فكان تأثرهم بالتجربة الإنجليزية كبيرا، وأصبح من حينه الإعجاب بالحكم الإنجليزي الفكرة الرئيسة لليبرالية الفرنسية.
وفي هذا الإطار جاءت فلسفة مونتسكيو السياسية والاجتماعية، الباحثة عن الجديد، والكاشفة بتأمل لمعطيات الفكر الفلسفي انطلاقا من قوله:" إن الفكرة تغدو عظيمة عندما يذكر أحد شيئا يكشف لأنظارنا عددا كبيرا من الأشياء الأخرى، وعندما يجعلنا نكشف دفعة واحدة ما لم نكن نأمل في اكتشافه إلا بعد قراءة طويلة "(3) .
لقد تأثر مونتسكيو وكغيره من مفكري عصره بروح حركة الأنوار، الهادفة إلى تعميم الفائدة الثقافية بين أروقة المجتمع الشعبي، لكرهه العيش في زمن الجهل، ولدرء كثير من المفاسد الدينية، والسياسية، التي يتم تسويغها باسم السياسة الوطنية مرة، وباسم الدين مرات عديدة، نتيجة لحالة الجهل المتفشية في أوساط الفئات الشعبية.
كما كان لطبيعة الأوضاع الاجتماعية التي بلغها مجتمع طبقة النبلاء في فرنسا أثر جوهري على مختلف أفكاره وأرائه السياسية، والاجتماعية، والدينية، إذ تمكنت الملكية وبخاصة في عهد لويس الرابع عشر من انتزاع جميع الامتيازات السياسية التي كان يتمتع بها النبلاء، في الوقت ذاته أخذت أوضاعهم الاقتصادية في التردي بشكل واضح بسبب سوء الأحوال الزراعية من جهة، وتوجه الدولة والمجتمع نحو الاقتصاد التجاري والصناعي من جهة أخرى، مما أحال اقتصاديا أوضاع كثير منهم إلى حافة الإفلاس، الأمر الذي جعلهم يتعاطفون مع الثورة حال اندلاعها، وهو ما كان قد حذر منه مونتسكيو في الكتاب الثامن من مؤلفه روح القوانين حين قوله:" إن الملكية تَضيع عندما يستدعي الأمير (يقصد به الملك)، وهو يعيد كل شيء لنفسه فقط، الدولة إلى عاصمته، والعاصمة إلى بلاطه، والبلاط إلى شخصه وحده... إن مبدأ الملكية يفسد عندما تكون المناصب الأولى علامات للعبودية، وعندما ننزع عن الكبار احترام الشعوب، ونحولهم لمجرد أدوات بخسة للسلطة التعسفية.."(4) .
علاوة على ذلك فقد كان للكشوف الجغرافية التي كشفت له الكثير من مجاهل الحضارات الشرقية، ولأسفاره داخل أوربا، دور في قولبة العديد من الرؤى والأفكار لديه إزاء المجتمعات والشعوب الأخرى، وهو ما حداه إلى القول:" إن الأسفار تمنح العقل سعة كبيرة، بها يتخلص الإنسان من الأفكار المسبقة في بلده.. علينا أن نأخذ البلدان كما هي، وأن ننظر إلى جميع شعوب أوربا بمثل التجرد الذي ننظر فيه إلى مختلف شعوب جزيرة مدغشقر"(5) .
وفي هذه الورقات سيقوم الدارس بالحديث بشكل موجز عن أهم نقاط فلسفة مونتسكيو السياسية، والقانونية، مستندا على ما قرره المتخصصون في الدراسات الفلسفية، والنظريات السياسية بشكل خاص، من آراء وأفكار مستلهمة من كتاباته العديدة، معرجا بداية بلمحة سريعة عن طبيعة الحالة السياسية خلال القرن السابع عشر والثامن عشر الميلاديين، وهي الفترة التي ينتمي إليها مونتسكيو وزملائه من مفكري حركة الأنوار الفرنسية.

الحالة السياسية في فرنسا خلال القرن 17م و18م:
بوفاة الملك هنري الثالث مقتولا سنة 1589م، ينتهي حكم أسرة فالوا لفرنسا، وينتقل التاج الملكي بوصية من الملك المقتول إلى هنري نافار البروتستانتي الذي عرف بهنري الرابع، وهو المؤسس لملكية أسرة آل بربون في فرنسا(6) .
ويعتبر هنري الرابع من أهم ملوك أوربا عامة، وفرنسا بوجه خاص، لما قام به من أعمال إيجابية على الصعيد السياسي والاقتصادي، إذ بداية اعتبر المذهب الكاثوليكي دين الدولة الرسمي، وأعلن تحوله عن المذهب البروتستانتي سنة 1593م، كما عمل على تمتع جميع المذاهب الأخرى بالحرية التامة في العبادة والعقيدة وذلك بإصداره في سنة 1598م مرسوم نانت الشهير الذي أعلن فيه نهاية الحروب الدينية في فرنسا، وإحلال عقيدة التسامح مع أتباع كالفن، حيث أجاز للبروتستانت إقامة شعائرهم الدينية في المدن الخاصة بهم، ووافق على إنشاء محاكم قضائية لهم، وسمح بعقد مجلس عام ينعقد كل ثلاث سنوات للبحث في أحوالهم، كما سمح للهيجونوت بتولي المناصب العامة العسكرية والمدنية المختلفة في فرنسا(7) ، واهتم بالإصلاحات الداخلية، فعمل على إنعاش الزراعة والصناعة والتجارة، وتمكن من إخراج الدولة من أزمتها المالية والسير بها على طريق الاستقرار والنهضة حتى كان مقتله غيلة على يد أحد المتعصبين الكاثوليك سنة 1610م (8) .
وقد خلفه في الحكم ابنه القاصر لويس الثالث عشر (1610 – 1642م) الذي تولت والدته الإيطالية ماري مديتشي الوصاية عليه، فقامت بتغيير سياسة فرنسا من سمة الاعتدال إلى سمة التشدد، بالتقرب من إسبانيا الكاثوليكية، وذلك بتأثير من وزيرها كونسيني(9) ، لكن ذلك لم يستمر طويلا حيث قام لويس الثالث عشر سنة 1617م باعتقال وقتل المارشال كونسيني، وفي حينه دخلت الملكية الفرنسية في صراع مع الهيجونوت الذين استغلوا توجه الدولة الكاثوليكي، وعملوا على الانفصال بمدنهم مؤسسين حكومات محلية، ومرتبطين ببعضهم البعض في اتحاد قوي، ومشكلين دولة داخل دولة، وقد استمر ذلك حتى سنة 1622م حيث تمكنت المملكة من السيطرة على معظم مدن الهيجونوت المحصنة(10) ، لتعود وحدة فرنسا تحت سلطة الملكية، ولتتقوى السلطة أكثر بشكل تدريجي وبخاصة بعد تسنم الكاردينال ريشيلو الوزارة الفرنسية سنة 1624م، الذي آمن بمركزية السلطة، فأرغم النبلاء الأرستقراطيين بداية على الخضوع التام للملكية في فرنسا، وقضى على مجمل الأعمال الانفصالية التي يقوم بها الهيحونوت، واهتم بالتنمية الاقتصادية، كما لم يغفل الشؤون الثقافية والفكرية حيث أسس الأكاديمية الفرنسية سنة 1666م ؛ وعلى الصعيد الخارجي رأى انتهاج سياسة هنري الرابع المعادية لأسرة الهابسبرغ في النمسا وإسبانيا الكاثوليكيتين، بالرغم من كاثوليكيته(11) ، واستمر على ذلك حتى كانت وفاته سنة 1642م وهي السنة التي توفي فيها لويس الثالث عشر أيضا.
وقد خلف لويس الرابع عشر (1642 – 1715م) والده في الحكم، كما تولى الوزارة بوصية من ريشيلو تلميذه الكاردينال مازاران الذي نهج سياسة سابقه في تقوية السلطة المركزية للعرش الفرنسي، وهو ما سار عليه لويس الرابع عشر بعد ذلك، حيث أكد ومارس نظرية الحق الإلهي في الحكم، باعتبار أن الملك يمثل الإله في الأرض، وبالتالي فله سلطة مقدسة مستمدة منه، وعليه فلا يجوز تجزئة السلطة، أو التنازل عنها للغير(12) ، لأنه لا يوجد مركز ثالث بين الحكم المطلق والفوضى(13) ، وقد وجدت هذه النظرية في أقوال عدد من المفكرين شرعية قانونية، حيث عرض يوسويه نظرية الملكية ذات الحق الإلهي، باعتبار " أن الله وحده هو الذي يقرر أمور الملك "، كما قرر غودو في كتابه "التعليم المسيحي الملكي" أن الحاكم هو " نائب الله على الأرض"(14) .
وهكذا فقد سارت فرنسا في عهد لويس الرابع عشر نحو الملكية المطلقة ذات الحكم الفردي الواحد الاستبدادي بحيث تتماها الدولة بكل مؤسساتها الدينية والدنيوية في ذاته، وهو ما وضح في قوله:" أنا الدولة والدولة أنا "(15) ، كما تتجسد شخصيته في كل ركن من أركانها، مما يجعل من التمرد عليه خطيئة دينية، وجريمة دنيوية، لكونه الملك الوارث للأنبياء، ولكونه الملك الأب، ولكونه الملك الشمس بين الكواكب(16) .
وفي سبيل تحقيق ذلك فقد أكمل لويس الرابع عشر ما كان قد بدأه ريشيلو من محاربة طبقة النبلاء والعمل على الحد من نفوذهم، فكان أن تحققت غايته بحيث لم يشكلوا أهمية سياسية، كما لم يعد لهم ذلك التأثير العسكري الفاعل، فتحولوا إلى طبقة اسمية محتفظة بمظاهر استحقاقها الاجتماعي، ومنقسمة على نفسها بحسب المقدرة المالية إلى ثلاث فئات اقتصادية، أحدها حافظ على ثرائه الأرستقراطي، والبعض الآخر اتجه نحو العمل التجاري ليقترب من طبقة البرجوازية، في حين داهم الفقر أروقة الفريق الثالث (17) .
ولم تقتصر نواحي مركزيته السلطوية الاستبدادية على الجوانب السياسية والإدارية وحسب، بل إنها قد شملت أيضا الجوانب الدينية، حيث قام في سنة 1685م بإلغاء مرسوم نانت الشهير الذي وقعه هنري الرابع سنة 1598م، والذي يقرر مبدأ التسامح الديني بوجه خاص، وذلك بحجة تأكيد الوحدة الدينية(18) .
وعلى الصعيد الخارجي فقد اعتمد لويس الرابع عشر سياسة تهدف إلى تحقيق المجد الفرنسي، وتأكيد عظمة الملكية بالشكل الذي يحقق رغباته ويرضي غروره الشخصي، ومن أجل ذلك فقد دخل في حروب مضنية مع الدول الأوربية، عرفت أولاها بحرب الاستحقاق مع مملكة إسبانيا سنة 1667م، ثم الحرب الهولندية سنة 1668م، ثم مواجهته لعصبة أوغسبرغ الذي ضم تحالف كل من إسبانيا، وهولندا، والسويد، والإمبراطورية الرومانية المقدسة، والبالاتين سنة 1688م، ثم حرب الوراثة الإسبانية التي امتدت بين سنتي 1702م و 1713م(19) .
ولقد أدت هذه الحروب المتواصلة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، مما انعكس سلبا على مناحي الحياة الاجتماعية في فرنسا، فكان أن أخذت الأصوات المناهضة للدولة تتعالى في ظل تأييد كبير من قبل مختلف الجموع الفرنسية الأرستقراطية، والبرجوازية، والثقافية، والشعبية، الأمر الذي نتج عنه إعلان الثورة الفرنسية سنة 1789م، وإعدام الملك لويس السادس عشر سنة 1793م.


مونتسكيو:
• مولده ونشأته:
ينحدر تشالز دي سكوندات الذي تلقب بالبارون دي لابريت منتسكيو من أسرة فرنسية نبيلة، وقد ولد في قصر حصين بالقرب من مدينة بوردو في 18يناير سنة 1689م، ودرس في بداياته في مدرسة جوبي التابعة لجماعة دينية تسمى الأوراتوار، فتعلم اللغة اللاتينية التي مكنته بداية من دراسة القانون الروماني وكتابة تاريخهم، وحال بلوغه السادسة عشر من عمره سنة 1705م انتقل إلى بوردو لدراسة القانون حيث تخرج سنة 1708م، ثم انتقل إلى باريس بهدف التدرب في ممارسة الشؤون القانونية وذلك في الفترة من 1709 – 1713م، وخلال تلك الفترة تعرف على أفكار طليعة المفكرين الفرنسيين، ثم عاد إلى بوردو ليعمل أستاذا في أكاديميتها، ولينظم إلى برلمان مقاطعة جويين، وذلك بعد وفاة عمه سنة 1716م، كما تم انتخابه لعضوية الأكاديمية الفرنسية سنة 1728م(20) .
وقد قام بالتجوال في مختلف المناطق الأوربية في الفترة من 1728 – 1731م حيث زار كل من النمسا والمجر وإيطاليا وألمانيا وهولندا ومن ثم إنجلترا، وقد كان لهذه الرحلة أثرها العميق في قولبة الكثير من الأفكار والنظريات التي صدح بها بعد ذلك(21) .
• فلسفته وآرائه السياسية:
لقد احتل منتسكيو درجة عالية في مجال مناهج البحث لكونه لم يكن متطرفا في نظرياته، ولقربه من المدرسة الإنسانية، ولما قدمه من اتجاهات فكرية جديدة فاقت ما جاء به معاصروه(22) ، إلى الدرجة التي أطلق عليه البعض اسم مؤسس فلسفة التاريخ، والبعض الآخر اسم رائد المنهج العلمي في التاريخ(23) .
سمات تفكيره:
ولقد اشتهر مونتسكيو بعدد من السمات الرئيسة التي ميزت نمط تفكيره، وشكلت أسلوبه العلمي في التعاطي مع مجمل القضايا والأفكار، ومن ذلك اهتمامه بمسألة التنوع القائم على إدراك الفوارق الدقيقة بين الأشياء، وتأكيده على النسبية العلمية، فما يناسب أمة ليس بالضرورة أن يناسب أمة أخرى، وقوله بالحتمية المستندة على كشف العلل والأسباب لمعرفة خواص الأمم والشعوب، وإيمانه بالعقلانية المتجسدة في القوانين الحقة، وعدم رفضه لإعادة النظر في مختلف التشريعات والأفكار، باعتبار أنها من صنع البشر، وبالتالي فإن الشك، والتأمل هما الوسيلة للتأكد من مدى ملاءمتها للمجتمع(24) .
وعلى ذلك فقد وضحت فلسفته من خلال عدد من المؤلفات والبحوث التي تم نشرها، مثل كتابه "أفكاري" الذي يعتبر بمثابة سيرة ذاتية له، حيث أظهر فيه مدى حبه وشغفه للحياة، وبالغُ تسامحه، وعظيم تواضعه وبخاصة مع الفلاحين(25) ، وهو بذلك يعكس التمازج بين الحالة الطبقية بوصفه نبيلا، والحالة الشعبية بوصفه مفكرا أديبا، كما يعكس مدى التقارب بين الطبقتين الناتج عن تقلص الفجوة الاقتصادية بينهما، والتي وضح مداها عبر اشتراك الفريقين في أحداث الثورة الفرنسية سنة 1789م.
التورية السياسية:
كما كشف في كتابه "الرسائل الفارسية"• الذي عُدّ وميض عصر التنوير الفرنسي، والذي لقي نجاحا كبيرا بعد نشره سنة 1721م في أمستردام بهولندا، عن براعة فائقة في التهكم، ونقد لاذع للأوضاع الاجتماعية، من خلال وصفه لأوضاع فرنسا الداخلية عبر عيون سائحين فارسيين هما ريكا، وأزبك، ومن خلال المقارنة بين الحضارات، مما مكنه من إصدار أحكاما قاسية بحق الملك لويس الرابع عشر، وبحق المتدينين، وبحق مختلف الأوضاع التي كان يمقتها ويتمنى تغييرها بأسلوب متوار شفاف(26) ، من واقع بحثه الكتابي الآتي كإجابة عن التساؤل التالي: هل يكون الناس سعداء بممارسة اللذات الحسية، أم بممارسة الفضيلة ؟ (27) .

معالم مشروعه السياسي:
ومن خلال رحلته تلك أوضح مونتسكيو عددا من أفكاره حول نسبية صلاح كل الأنظمة، وأن المصلحة الذاتية ليست الأساس الكافي للأنظمة الإنسانية كما هي عند توماس هوبس (1588 – 1679م)، وأن الحكم السليم لا يكون إلا بالقدرة على التربية الجيدة، كما وضّح أثر الانفعالات النفسية على تصرفات الأفراد، وبين دور الحسد والشهوة في تمكين سلطة الحاكم المستبد، علاوة على تأكيده للرأي القاضي بالتقليل من فكرة العقد الاجتماعي الذي وضحت ملامحه عند جون لوك (1632 – 1704م) ومن بعده جان جاك روسو (1712 – 1778م)، إذ يرى أن الأفراد ومنذ ولادتهم ملتئمين ضمن حياة اجتماعية، لها قوانينها، وأنظمتها، وسماتها الخاصة، وهو في ذلك يؤكد على غريزة الألفة والاجتماع التي تحل محل قاعدة العقد الاجتماعي، وعليه فإنه لا معنى لتقسيم الناس مجتمعيا إلى مجتمع الحالة الطبيعية، ومجتمع الحالة المدنية بحسب ما أورده لوك وروسو(28) ؛ كما تطرق في رسائله إلى المرأة ومدى حرص المجتمعات الأوربية على تثقيفها وتعليمها.

رأيه الديني (وحدة الأديان):
وفيما يتعلق بالنواحي الدينية فقد أكد بأنه لن يبحثها كرجل لاهوتي، ولكن ككاتب سياسي قانوني، وأنه لن يبحث في الأديان إلا بالقدر الذي يستخلص منها الحالة المدنية باعتبارها مؤسسات إنسانية، وفق طريقة تفكير إنساني(29) ، وإزاء ذلك فقد أوضح رأيه في رجال الدين (الإكليريوس)، فجاء وصفه لهم مقيتا، حيث شبه الرهبان بالدراويش، وشبه البابا بالساحر تارة، وبالصنم الذي اعتدنا على تملقه تارة أخرى(30) ، واعتبر الطقوس المسيحية السائدة نوع من الأساطير والخرافات، مع إيمانه بأن الدين المسيحي ليس له من موضوع سوى تكريس السعادة في الحياة الدنيا والآخرة(31) ، ويخلص كذلك إلى أن الأديان تقدر بحسب صلاحها للمجتمع، وبمقدار ما تحمله في طياتها من قيم خلقية، مادحا في هذا الإطار البروتستانتية، ومؤيدا للطلاق، وزواج رجال الدين، ومعتبرا أنه من غير الممكن أن يبقى الدين الكاثوليكي في أوربا لمدة طويلة، ومؤكدا على أن النزاعات اللاهوتية سخف وسفه، وأن التسامح وحده يمثل القاعدة الرئيسة للعقل الإيجابي، فالشر حسب رأيه ليس في تعدد الأديان، وإنما في روح عدم التسامح، وفي التبشير بدور مهيمن(32) ، وفي هذا الإطار فقد اعتبر أن الدين الإسلامي أكثر ملائمة لشعوب الشرق، بينما تناسب المسيحية شعوب الغرب الأوربيين لاعتبارات جغرافية من جهة، ولاعتبارات سياسية من جهة أخرى(33) .

السببية المنطقية:
وفي كتابه "تأملات في أسباب عظمة الرومان وانحلالهم" الصادر سنة 1734م، حلل مونتسكيو لمفهوم العلية الاجتماعية والسياسية من واقع دراسته للتاريخ الروماني الذي كان يُعدّه من أكمل التواريخ لمجتمع سياسي عرفه وتمكن منه، وبهذا الكتاب يكون منتسكيو قد سبق العلماء المهتمين بدراسة نمو وتفكك السياسة الرومانية، إذ أكد على حقيقة هامة مفادها أن سقوط الإمبراطورية الرومانية كان بسبب اتساع رقعتها بحيث لم يضمن لها السيطرة على اقتصادياتها(34) .

وحول هذه النقطة فإنه يرى أن الصدفة ليست هي الحاكمة للعالم، بل إن الحكم لا يتأتى إلا وفقا لقوانين وأنظمة سياسية واضحة ودقيقة، معتبرا أن الخروج عنها يؤدي إلى حدوث النكبات والانهيارات، كما يعتبر أن العلاقات بين الأشخاص والجماعات في المجتمعات الحرة أقل توثقا منها في المجتمعات الاستبدادية، وهو في ذلك لا يعتبرها سمة سلبية في حد ذاتها لكون كل منهم له مصالحه الخاصة التي تُسيِّر نمط تفكيره وحياته ولكن وفقا لقواعد خيرية تعمل لصالح المجتمع، وأن ما دمر الرومان، حسب رأيه، ليس في هذا التغاير وإنما في التضارب السلبي لرغبات الأفراد والمجتمعات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مهدي
.:: مدير المنتدى ::.
.:: مدير المنتدى ::.
مهدي


الساعة الان :
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 1220
تاريخ الميلاد : 02/10/1988
تاريخ التسجيل : 28/01/2012
العمر : 36
الموقع : https://alomsia.yoo7.com/
العمل/الترفيه : صحافي المستقبل
المزاج : رائع دائما

منتسكيو.... Empty
مُساهمةموضوع: رد: منتسكيو....   منتسكيو.... Emptyالخميس يوليو 05, 2012 6:22 pm


كالعادة ابداع رائع

وطرح يستحق المتابعة

شكراً لك

بانتظار الجديد القادم
دمت بكل خير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alomsia.yoo7.com
عماد الدين
المراقب العام
المراقب العام
عماد الدين


الساعة الان :
الدولة : الجزائر
عدد المساهمات : 870
تاريخ الميلاد : 02/06/1987
تاريخ التسجيل : 01/07/2012
العمر : 37
الموقع : تلمسان
العمل/الترفيه : طالب جامعي
المزاج : مرح ومتفائل

منتسكيو.... Empty
مُساهمةموضوع: رد: منتسكيو....   منتسكيو.... Emptyالأحد يوليو 08, 2012 12:33 am

ان شاء الله أكون في المستوى يا صديقي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
منتسكيو....
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» منتسكيو.... ج2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الأمسية الجزائرية :: منتديات التعليم العالي :: العلوم الاجتماعية و الانسانية :: منتدى العلوم السياسية و العلاقات الدولية-
انتقل الى:  
المواضيع الأخيرة
» اللعبة الزعيم
منتسكيو.... Emptyالخميس أبريل 10, 2014 11:27 pm من طرف Otba

» مذكرات تخرج اتصال
منتسكيو.... Emptyالجمعة يناير 31, 2014 9:26 pm من طرف عامر محمد عبد الكافي

» لـصحتك: ماذا عن شربك الماء على الريق و وزنك
منتسكيو.... Emptyالسبت أغسطس 31, 2013 3:36 pm من طرف Otba

»  موضوع عن شهر رمضان المبارك
منتسكيو.... Emptyالأربعاء يوليو 17, 2013 2:54 pm من طرف pitcho 91

» رسائل تهنئة بقدوم رمضان
منتسكيو.... Emptyالإثنين يوليو 15, 2013 4:11 pm من طرف nouna-nana

» طريقة جديدة لتقديم الايسكريم
منتسكيو.... Emptyالإثنين يوليو 15, 2013 1:23 am من طرف الفتاة الرقمية

»  دعاء اليوم 1 من رمضان
منتسكيو.... Emptyالسبت يوليو 13, 2013 12:11 am من طرف همسة نجود

» من قصص القرآن الكريم " قصة هاروت وماروت "
منتسكيو.... Emptyالسبت يوليو 13, 2013 12:07 am من طرف همسة نجود

» سجل دخولك للمنتدى بصورهـ
منتسكيو.... Emptyالسبت يوليو 13, 2013 12:06 am من طرف همسة نجود